كثيراً ما نقرأ في حياتنا اليومية وجود مصطلح " المسيحي العربي " فما هو هذا التعريف ؟؟؟
الحقيقة غالباً ما يشير هذا التعريف إلى الجماعة الدينية المسيحية في منطقة الشرق الأوسط ، التي تتحدث بالعربية في حياتها اليومية
فبذلك يُطلق مصطلح " المسيحيين العرب " على الأقليات المسيحية التي تعيش في الوطن العربي فهل هناك ما يُسمى بالمسيحي العربي ؟
تاريخياً وعملياً ومنطقياً ......لا يوجد ما يسمى بالمسيحي العربي
السبب
وجود لغة أم غير اللغة العربية تُمارس في حياتهم اليومية وفي كنائسهم واللغة هي عامل الإنتماء والقومية لدى جميع الشعوب .
الأرمني يحمل جنسية وهوية عربية ويعيش في الوطن العربي ولكنه ليس بعربي
القبطي يحمل جنسية وهوية عربية ويعيش في الوطن العربي ولكنه ليس بعربي
السرياني الآشوري الكلداني .. يحمل جنسية وهوية عربية ويعيش في الوطن العربي ولكنه ليس بعربي ....المورانة ، الروم ....إلخ
والسبب في ذلك كله لأنهم كما قلنا لديهم لغتهم الأم والتي هي غير العربية من سريانية إلى أرمنينة إلى قبطية ...إلخ
في هذه الحالة كيف ذلك ؟؟؟
للتوضيح نقول :
هناك ما يسمى بالعربي وبالمستَعرَب وبمستعرِب
العربي : هو الشخص الذي ينتمي بجذوره إلى شبه الجزيرة العربية
المُستَعرِب : ( اسم فاعل ) هو الشخص الذي يقوم بسياسة التعريب على شعوب أخرى
المُستَعرَب : ( اسم مفعول ) هو الشخص الذي فُرضت عليه الهوية والثقافة العربية حين دخول الجيوش الإسلامية القادمة من شبه الجزيرة العربية إلى بلده الأصلي .
قبل أن تأتي الجيوش العربية من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام ، كان هناك في بلاد الشام شعب مسيحي يحمل ثقافة وهوية وحضارة ولغة غير العربية عمرها الآف السنين . وعندما مد يده مع يد المسلم ساعده إلى الدخول لتحريره من الإحتلال البيزنطي . ولكن القادم العربي بدوره فرض سياسة التعريب في جميع المناطق التي حل بها ...وبذلك تقهقرت القومية واللغة الأصلية للبلاد بعد دخول الإسلام ، وأضحت العروبة لفظاً مرادفاً للإسلام أو للحكومات الإسلامية .
وبشكل عام الذين يسمون اليوم " بالعرب " على امتداد الوطن العربي لا يمتون أي صلة أثنية أو تاريخية أو حضارية أو شكلية وبنيوية لبعضهم البعض باستثناء انتماءهم إلى الدين الإسلامي الذي كما ذكرنا أصبح مرادفاً للإنتماء العربي : فحتى الشخص العربي اليوم في البلدان الإفريقية ( صومال ، سودان ، ليبيا ، تونس .... ) لا يمت بصلة تاريخية أو أثنية عرقية من عادات وتقاليد وموروث حضاري مع العربي الآخر الذي يعيش في أسيا ( سوريا ، أردن ، عراق ... ) ولا للعربي في شبه الجزيرة العربي .... . ولا حتى يتشابهون بالشكل أوالبنية الهيكلية أوالسمات التاريخية وغيرها .
ولكن اعتناق الدين الإسلام لهم وتشريعه لحكوماتهم هو الذي يجمعهم تحت مظلة العروبة ...
يقول الكاتب سليم مطر في كتابه " الذات الجريحة " :
بعد الفتح العربي الإسلامي ، أخذ السكان السريان يتخلون بالتدريج عن مسيحيتهم ويعتنقون الإسلام ويمتزجون بالقبائل العربية الفاتحة ويحملون أسمائها ويتبنون لغتها ، خصوصاً أن القرابة العرقية بين العرب والسريان لعبت دوراً أساسياً في تسهيل هذه العملية وكانت عملية الأسلمة والتعريب تحدث أولاً في المدن والحواضر بينما بقيت الكثير من أرياف العراق والشام على " نبطيتها " حتى العصر العثماني ...... و يصح القول أن " السريان " هم أسلاف شعوب " منطقة المشرق " مثلما الأقباط هم أسلاف الشعب المصري ، والبربر هم أسلاف شعوب المغرب والنوبيون هم أسلاف الشعب السوداني ....
فبذلك المسيحيون في جميع بلدان الشرق الأوسط هم أصل البلد ولهم ثقافتهم وحضارتهم ولغتهم التي هي غير العربية ..كالسريان الآشوريين الكلدان الأرمن الأقباط الروم ....
إذا لا يوجد ما يُسمى بالمسيحي العربي بل هناك مسيحيين مُستَعرَبين ( فُرضت عليهم الثقافة والهوية العربية ) وبشكل دقيق نستطيع ان نقول أن المسيحي العربي هو الشخص الذي ينتمي بجذوره إلى شبه الجزيرة العربية ويعتنق الدين المسيحي ولا أن نقول عن المسيحي في بلاد الشام أو بلاد ما بين النهرين أو في مصر أو ..... أنه مسيحي عربي فذلك أمر مغلوط وغير دقيق
هدفي من هذا الموضوع ليس إلا للتسليط الضوء على تحليل المصطلح الذي أخذ بالآونة الأخيرة بالإنتشار بقوة ملغياً بدوره الوجود القومي لشعوب استوطنت منطقة الشرق لآلاف السنين وبنت حضارة عالمية مشرقة ليتم استبدال اسمها المشرف باسمٍ أخر
محبتي
كبرئيل السرياني