
أُصدِرَ هذه الكتاب سنة 2002 في القامشلي ويضم أبرز نشاطات مؤسسات ( لجان ) كنيسة السريانية الأرثوذكسية في القامشلي ، والمهتمة باللغة والفن والتراث
السرياني ، وأهم هذه اللجان : لجنة رابطة نصيبين للأدباء السريان بالقامشلي ، ولجنة الرها الفنية وأسرة الطلبة الجامعيين ( ابن العبري ومار أفرام السرياني )وذلك خلال العقد الأخير من القرن العشرين ، أي منذ استلام نيافة راعي الأبرشية المطران مار اسطاثيوس متى روهم الجزيل الوقار إدارة أبرشية الجزيرة والفرات .
ففي القسم الأول من الكتاب تحدث المؤلف بالتفصيل عن مهرجانات اللغة السريانية والأغنية السريانية ومهرجانات القديس مار أفرام السرياني ومار يعقوب النصيبيني وابن العبري والبرادعي ، وعن الأعياد الفنية والتراثية التي أقامتها هذه اللجان الكنسية .
وفي القسم الثاني قدّم باقة من أدب هذه المهرجانات مما كتبه المؤلف وشاركه به وقدمه من شعر وقصة قصيرة ومقالة وبحوث متنوعة وأدب ساخر ( طرائف )ومسرح سرياني .
والهدف من هذه الكتاب كان كما يقول الملفونو الياس : " ...آملاً أن أكون قد وفقتُ في تقديم صورة واضحة عن الحركة الثقافية والفنية والتراثية للسريان في مدينة القامشلي المعطاءة مدينة اللغة والتراث السرياني "
وبالفعل عند قراءتنا لهذه المهرجانات المذكورة لمسنا فيها العمل السرياني الجماعي والجاد في تقديم أدب وفن سرياني أصيل ، ورأينا فيها مقدار المجهود والتعب الموضوع فيها جميعها ، تلك المهرجانات التي كانت تقام في أخوية مار يعقوب النصيبيني ذات العبق التاريخي والنكهة السريانية الأدبية والفنية التي لا مثيل لها اليوم .
افتتح المهرجان الأول للغة السريانية في 1993/10/31 وهو يوم أحد تقديس البيعة ، افتتح بمعرض للكتاب السرياني الأول الذي أقامته الأسرة السريانية الجامعية ثم بدأتْ فعاليات المهرجان الأول من شعر وغناء ومسرح ومسابقات ...إلخ على مدى الأيام الخمسة .
ففي المهرجان الأول للغة السريانية والذي استمر مدة خمسة أيام متوالية كان المجلس الملي للسريان الارثوذكس قد أصدر إعلاناً عن مسابقات في فنون الأدب السرياني
التالية : ( القصة القصيرة ، الشعر السرياني ، الخط السرياني ، البحث التاريخي والأدبي ) وتقدم إلى هذه المسابقات العديد من أدباء السريان في القامشلي وبعد أن انتهتْ فترة تقديم المواضيع تم مناقشتها وترتيبها بحسب تسلسل الفائزين .
والجدير بالذكر أن في كل مهرجان كان هناك تكريم لضيف شرف من الطراز السرياني الرفيع يكون حاضراً ، وفي المهرجان الأول كان التكريم للأب الخوري سليمان حنو الأركحي تقديرأً لجهوده وخدماته في حقل اللغة والتراث السرياني .وغيرها من الفعاليات الأدبية والثقافية .
والسنة التالية وبنفس الوقت في 1994/10/30 أحد تقديس البيعة ، بدأتْ فعاليات المهرجان الثاني بالنشيد السوري ثم نشيد مهرجان اللغة السريانية
" ܟܡܐ ܪܚܝܡ ܐܢ̱ܬ ܠܥܙܢ ܣܘܪܝܝܐ كم أنتِ محبوبة يا لغتنا السريانية" ، حيث لم يكن موجوداً في المهرجان الأول ، وكلمات نشيد المهرجان هي للمثلث الرحمات نيافة المطران مار غريغوريوس بولس بهنام مطران الموصل سابقاً وألحان الفنان الياس داؤود ، ثم ابتدتْ فعاليات المهرجان الثاني بنفس فعاليات المهرجان الأول تقريباً ولكن بمشاركات جديدة وهمة أكبر ونشاط أوسع ومشاركين جدد أيضاً وقام المطران جورج هافوري للسريان الكاثوليك بإلقاء محاضرة ( الآراميون عبر التاريخ ) وهو نفسه افتتح هذه المهرجان بقص شريط الدخول مع نيافة المطران متى روهم واستمر هذا المهرجان أربعة أيام حيث تم تكريم نيافة المطران يوحنا ابراهيم مطران حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس ، كأديب سرياني وذلك في اليوم الرابع من قِبل نيافة المطران متى روهم ...
ويطول بنا الحديث عن المهرجانات الأخرى التي أقيمتْ أيضاً وحضرتها شخصيات سريانية أدبية من الطراز الرفيع وتكرمت فيها كالخوري برصوم أيوب والملفونو ابروهوم نورو والمطران جورج صليبا والملفونيثو إيفلين داؤود والملفونو دنحو دحو ، حيث كان قد توفي وقتها ، ورفض أهله أن يكرّم بعد مماته وذلك لأنه ( كما يذكر الملفونو جوزيف أسمر في كتابه السريان أسبقية ومدينة ) أن الملفونو دنحو دحو عندما ضاقت به الحال كثيراً ومَرَضَ مرضاً عضال وألتجا إلى المسؤولين في الكنيسة طالباً منهم المساعدة ، تقاعس عندها المسؤولين وتهربوا من مساعدته ، عندها أوصى بيته " لا تكريم بعد مماتي " أي أنه أوصى أهله لرفضهم التكريم في حال أرادت الطائفة ذلك .
وأيضاً مهرجانات الأغنية السريانية ومنها المهرجان الأول سنة 1995 حيث أقيم بتحضير وتنظيم فرقة الرها الفنية الفلكلورية والمهرجان الثاني سنة 2000 حيث
حضره قداسة البطريرك وتسلم درع المهرجان من نيافة المطران متى روهم والملفونو الأرخدياقون لحدو اسحق ، وغيرهم وغيرهم من فعاليات ومهرجانات آخرى يطول
الحديث عنها جميعاً .
نقول عند قراءتنا لتلك الحركة الثقافية والنهضة الأدبية والفنية التي شهدتها مدينة القامشلي ، أين نحن اليوم من تلك النهضة ؟
أين هي روح العمل الجماعي ؟
بوجود هذا الكم من الأحزاب السياسية وفعالياتها الثقافية والأدبية هل استطعنا أن نقيم مثل هذه المهرجانات ؟
بوجود السلطة الرابعة لدينا ( التلفاز والإنترنيت ) هل استطعنا أن نقيم نهضة فكرية ثقافية جديدة ؟
بوجود فرق فلكلورية جديدة تظهر بين الحين والآخر هل استطعنا أن نقدم فناً سريانياً أصيلاً أو نطور فيه ؟
بوجود مؤسسات ورابطات ولجان أديبة سريانية مختلفة هل تُقدم اليوم على ممارسة النشاط الفكري والثقافي في مهرجانات من ذلك المستوى أم أن نشاطها
يقتصر فقط على حب البروز في مناسبات سنوية تكريمة لا غير ، ولا عمل ثقافي أدبي سرياني تشهده ؟
من المسؤول اليوم عن عدم إقامة مثل تلك المهرجانات الأدبية والفكرية والفنية ؟ هل هي الكنيسة ؟ أم إدارة المجلس الملي ؟ أم الشعب ؟ أم الظروف والواقع المعيشي
المتردي الذي يدعوا الإنسان إلى البحث عن لقمة العيش متغاضياً عن أن يكون بطلاً قومياً ؟
أسئلة كثيرة تراود ذهني عند مقارنتي بين الماضي القريب الذي عاشه أبناء شعبنا في القامشلي وبين الحاضر الذي يتسم بالركود الفكري والأدبي
فهل هناك من أمل لإحياء الفن والثقافة السريانية من جديد مستقبلاً ؟؟؟
أتمنى ذلك ..... وأصلي ..
كابي عيسى


